الثلاثاء أبريل 16, 2013 9:49 pm
آثار البلاد وأخبار العباد
( 3 من 31 )
جاوة
هي بلاد على ساحل بحر الصين مما يلي بلاد الهند وفي زماننا هذا لا يصل التجار من أرض الصين إلا إلى هذه البلاد والوصول إلى ما سواها من بلاد الصين متعذر لبعد المسافة واختلاف الأديان والتجار يجلبون من هذه البلاد العود الجاوي والكافور والسنبل والقرنفل والبسباسة والغضائر الصيني منها يجلب إلى سائر البلاد.
جزاير الخالدات
ويقال لها أيضاً جزاير السعادات وانها في البحر المحيط في أقصى المغرب كان بها مقام جمع من الحكماء بنوا عليها ابتداء طول العمارات قال أبو الريحان الخوارزمي: هي ست جزاير واغلة في البحر المحيط قريبات من مائتي فرسخ وإنما سميت بجزاير السعادات لأن غياطها أصناف الفواكه والطيب من غير غرس وعمارة وأرضها تحمل الزرع مكان العشب وأصناف الرياحين العطرة بدل الشوك.
قالوا: في كل جزيرة صنم طوله مائة ذراع كالمنار ليهتدى بها وقيل: إنما عملوا ذلك ليعلم أن ليس بعد ذلك مذهب فلا يتوسط البحر المحيط والله أعلم بذلك.
جزيرة الرامني
في بحر الصين قال محمد بن زكرياء الرازي: بها ناس عراة لا يفهم كلامهم لأنه مثل الصفير طول أحدهم أربعة أشبار شعورهم زغب أحمر يتسلقون على الأشجار وبها الكركدن وجواميس لا أذناب لها وبها من الجواهر والافاويه ما لا يحصى وبها شجر الكافور والخيزران والبقم وعروق هذا البقم دواء من سم الأفاعي وحمله شبه الخرنوب وطعمه طعم العلقم.
وقال ابن الفقيه: بها ناس عراة رجال ونساء على أبدانهم شعور تغطي سوآتهم وهم أمة لا يحصى عددها مأكولهم ثمار الأشجار وإذا اجتاز بهم شيء من المراكب يأتونه بالسباحة مثل هبوب الريح وفي أفواههم عنبر يبيعونه بالحديد.
جزيرة زانج
إنها جزيرة عظيمة في حدود الصين مما يلي بلاد الهند بها أشياء عجيبة ومملكة بسيطة وملك مطاع يقال له المهراج قال محمد بن زكرياء: للمهراج جباية تبلغ كل يوم مائتي من ذهباً يتخذها لبنات ويرميها في الماء والماء بيت ماله وقال أيضاً: من عجائب هذه الجزيرة شجر الكافور وانه عظيم جداً يظل مائة إنسان وأكثر يثقب أعلى الشجر فيسيل منه ماء الكافور عدة جرار ثم يثقب أسفل من ذلك وسط الشجرة فينساب منها قطع الكافور وهو صمغ تلك الشجرة غير أنه في داخلها فإذا أخذت ذلك منه يبست الشجرة.
وحكى ماهان بن بحر السيرافي قال: كنت في بعض جزاير زانج فرأيت بها ورداً كثيراً أحمر وأصفر وأزرق وغير ذلك فأخذت ملاءة حمراء وجعلت فيها شيئاً من الورد الأزرق فلما أردت حملها رأيت ناراً في الملاءة واحترق ما فيها من الورد ولم تحترق الملاءة فسألت عنها فقالوا: إن في هذا الورد منافع كثيرة لكن لا يمكن إخراجها من هذه الغيطة.وقال ابن الفقيه: بهذه الجزيرة قوم على صورة البشر إلا أن أخلاقهم بالسباع أشبه يتكلم بكلام لا يفهم ويطفر من شجرة إلى شجرة.
وبها صنف من السنانير لها أجنحة كأجنحة الخفافيش من الأذن إلى الذنب وبها وعول كالبقر الجبلية ألوانها حمر منقطة ببياض وأذنابها كأذناب الظباء ولحومها حامضة وبها دابة الزباد وهي شبيهة بالهر يجلب منها الزباد وبها فارة المسك.
وبها جبل النصبان وهو جبل فيه حيات عظام تبلع البقر والجاموس ومنها ما يبلغ الفيل وبها قردة بيض كأمثال الجواميس والكباش وبها صنف آخر بيض الصدر سود الظهر.
وقال زكرياء بن محمد بن خاقان: بجزيرة زانج ببغاء بيض وصفر وحمر يتكلم بأي لغة يكون وبها طواويس رقط وخضر وبها طير يقال له الحوارى دون الفاختة أبيض البطن أسود الجناحين أحمر الرجلين أصفر المنقار وهو أفصح من الببغاء والله الموفق للصواب.
جزيرة سكسار
جزيرة بعيدة عن العمران في بحر الجنوب حكى يعقوب بن إسحاق السراج قال: رأيت رجلاً في وجهه خموش فسألته عن ذلك فقال: خرجنا في مركب فألقتنا الريح إلى جزيرة لم نقدر أن نبرح عنها فأتانا قوم وجوههم وجوه الكلاب وسائر بدنهم كبدن الناس فسبق إلينا واحد ووقف الآخرون فساقنا إلى منازلهم فإذا فيها جماجم الناس وأسوقهم وأذرعهم فأدخلنا بيتاً فإذا فيه إنسان أصابه مثل ما أصابنا فجعلوا يأتوننا بالفواكه والمأكول فقال لنا الرجل: إنما يطعمونكم لتسمنوا فمن سمن أكلوه قال: فكنت أقصر في الأكل حتى لا أسمن فأكلوا الكل وتركوني وذاك الرجل لأني كنت نحيفاً والرجل كان عليلاً فقال لي الرجل: قد حضر لهم عيد يخرجون إليه بأجمعهم ويمكثون ثلاثاً فإن أردت النجاة فانج بنفسك! وأما أنا فقد ذهبت رجلاي لا يمكنني الذهاب.
واعلم أنهم أسرع شيء طلباً وأشد اشتياقاً وأعرف بالاثر إلا من دخل تحت شجرة كذا فإنهم لا يطلبونه ولا يقدرون عليه.
قال: فخرجت أسير ليلاً وأكمن النهار تحت الشجرة فلما كان اليوم الثالث رجعوا وكانوا يقصون أثري فدخلت تحت الشجرة فانقطعوا عني ورجعوا فأمنت.
حكى الرجل المخموش وقال: بينا أنا أسير في تلك الجزيرة إذ رفعت لي أشجار كثيرة فانتهيت إليها فإذا بها من كل الفواكه وتحتها رجال كأحسن ما يكون صورة فقعدت عندهم لا أفهم كلامهم ولا يفهمون كلامي فبينا أنا جالس معهم إذ وضع أحدهم يده على عاتقي فإذا هو على رقبتي ولوى رجليه علي وأنهضني فجعلت أعالجه لأطرحه فخمشني في وجهي فجعلت أدور به على الأشجار وهو يقطف ثمرها يأكل ويرمي إلى أصحابه وهم يضحكون فبينا أنا أسير به في وسط الأشجار إذ أصاب عينيه عيدان الأشجار فعمي فعمدت إلى شيء من العنب وأتيت نقرة في صخرة عصرته فيها ثم أشرت إليه أن اكرع فكرع منها فتحللت رجلاه فرميت به فأثر الخموش من ذلك في وجهي.
جزيرة القصار
حدث يعقوب بن إسحاق السراج قال: رأيت رجلاً من أهل رومية قال: خرجت في مركب فانكسر وبقيت على لوح فألقتني الريح إلى بعض الجزائر فوصلت بها إلى مدينة فيها أناس قاماتهم قدر ذراع وأكثرهم عور فاجتمع علي جماعة وساقوني إلى ملكهم فأمر بحبسي فانتهوا بي إلى شيء مثل قفص الطير أدخلوني فيه فقمت فكسرته وصرت بينهم فآمنوني فكنت أعيش فيهم.
فإذا في بعض الأيام رأيتهم يستعدون للقتال فسألتهم عن ذلك فأومأوا إلى عدو لهم يأتيهم في هذا الوقت فلم تلبث أن طلعت عليهم عصابة من الغرانيق وكان عورهم من نقر الغرانيق أعينهم فأخذت عصاً وشددت على الغرانيق فطارت ومشت فأكرموني بعد ذلك إلى أن وجدت جذعين وشددتهما بلحاء الشجر وركبتهما فرمتني الريح إلى رومية.
وقد حكى أرسطاطاليس في كتاب الحيوان تصحيح ما ذكر وقال: إن الغرانيق تنتقل من جزيرة النساء في بحر الصين فيها نساء لا رجل معهن أصلاً وإنهن يلقحن من الريح ويلدن النساء مثلهن وقيل: إنهن يلقحن من ثمرة شجرة عندهن يأكلن منها فيلقحن ويلدن نساء.
حكى بعض التجار أن الريح ألقته إلى هذه الجزيرة قال: فرأيت نساء لا رجال معهن ورأيت الذهب في هذه الجزيرة مثل التراب ورأيت من الذهب قضباناً كالخيزران فهممن بقتلي فحمتني امرأة منهن وحملتني على لوح وسيبتني في البحر فألقتني الريح إلى بلاد الصين فأخبرت صاحب الصين بحال الجزيرة وما فيها من الذهب فبعث من يأتيه بخبرها فذهبوا ثلاث سنين ما وقعوا بها فرجعوا.
جزيرة واق واق
إنها في بحر الصين وتتصل بجزائر زانج والمسير إليها بالنجوم قالوا: إنها ألف وستمائة جزيرة وإنما سميت بهذا الاسم لأن بها شجرة لها ثمرة على صور النساء معلقات من الشجرة بشعورها وإذا أدركت يسمعمنها صوت واق واق وأهل تلك البلاد يفهمون من هذا الصوت شيئاً يتطيرون به.قال محمد بن زكرياء الرازي: هي بلاد كثيرة الذهب حتى ان أهلها يتخذون سلاسل كلابهم وأطواق قرودهم من الذهب ويأتون بالقمصان المنسوجة من الذهب.
وحكى موسى بن المبارك السيرافي أنه دخل هذه البلاد وقد ملكتها امرأة وأنه رآها على سرير عريانةً وعلى رأسها تاج وعندها أربعة آلاف وصيفة عراة أبكاراً.
جوف واد بأرض عاد كان ذا ماء وشجر وعشب وخيرات كثيرة منها حمار بن مويلع كان له بنون خرجوا يتصيدون فأصابتهم صاعقة فماتوا عن آخرهم فكفر حمار كفراً عظيماً وقال: لا أعبد رباً فعل بي هذا! ودعا قومه إلى الكفر فمن عصاه قتله وكان يقتل من مر به من الناس فأقبلت نار من أسفل الجوف فأحرقته ومن فيه وغاض ماؤه فضربت العرب به المثل وقالوا: أكفر من حمار! وقالوا أيضاً: أخلى من جوف حمار.
وقال شاعرهم: ولشؤم البغي والغشم قديماً ما خلا جوفٌ ولم يبق حمار حرث أرض واسعة باليمن كثيرة الرياض والمياه طيبة الهواء عذبة الماء منها ذو حرث الحميري واسمه مثوب قال هشام بن محمد الكلبي: كان ذو حرث من أهل بيت الملك يعجبه سياحة البلاد فأوغل في بعض أوقاته في بلاد اليمن فهجم على أرض فيحاء كثيرة الرياض فأمر أصحابه بالنزول وقال: يا قوم إن لهذه الأرض شأناً لما رأى من مياهها ورياضها ولم ير بها أنيساً فأوغل فيها حتى هجم على عين عظيمة نظيفة بها غاب ويكتنفها ثلاث آكام عظام فإذا على شريعتها بيت صنم من الصخر حوله من مسوك الوحش وعظامها تلال.
فبينا هو كذلك إذ أبصر شخصاً كالفحل المقرم قد تجلل بشعره وذلاذله تنوش على عطفه وبيده سيف كاللجة الخضراء فنكصت منه الخيل وأصرت بآذانها ونفضت بأبوالها فقلنا: من أنت فأقبل يلاحظنا كالقرم الصؤوم ووثب وثبة الفهد على ادنانا فضربه ضربة فقط عجز فرسه وثنى بالفارس جزله جزلتين.
فقال القيل: ليلحق فارسان برجالنا ليأتينا عشرون رامياً.
فلم يلبث أن أقبلت الرماة ففرقهم على الآكام الثلاث وقال: احشوه بالنبل وان طلع عليكم فدهدهوا عليه الصخر وليحمل عليه الخيل من ورائه ففرقنا الخيل للحلمة وإنها تشمئز عنه فأقبل يدنو ويختل وكلما خالطه سهم أمر عليه ساعده وكسره في لحمه فضرب فارساً آخر فقطع فخذه بسرجه وما تحت السرج من فرسه فصاح به القيل: ويلك! من أنت فقال بصوت الرعد: أنا حرث لا أراع ولا ألاع! فمن أنت قال: أنا مثوب قال: إنك لهو قال: ثم جلس وألقى سيفه وجعل ينزع النبل من بدنه فقلنا للقيل: قد استسلم قال: كلا لكنه اعترف دعوة فإنه ميت فقال: عهد عليكم لتحفرنني! فقال القيل: آكد عهد ثم كبا لوجهه فأقبلنا إليه فإذا هو ميت فأخذنا سيفه فلم يقدر أحد منا يحمله على عنقه فأمر مثوب فحفر له اخدود ألقي فيه واتخذ مثوب تلك الأرض منزلاً وسماها حرث وسمي مثوب ذا حرث.
ووجد على أكمة صخرة مكتوب عليها: باسمك اللهم إله من سلف ومن غبر إنك الملك الكبار الخالق الجبار ملكنا هذه المدة وحمى لنا أقطارها وأصبارها وأسرابها وحيطانها وعيونها وصيرانها إلى انتهاء عدة وانقضاء مدة ثم يظهر علينا غلام ذو الباع الرحب والمضاء العضب فيتخذها معمراً أعصراً ثم يجوز كما بدا وكل محتوم آت وكل مترقب قريب ولا بد من فقدان الموجود وخراب المعمور.
حضرموت
ناحية باليمن مشتملة على مدينتين يقال لاحداهما شبام وللأخرى تريم وهي بقرب البحر في شرقي عدن وانها بلاد قديمة.
حكى رجل من حضرموت قال: وجدنا بها فخاراً فيه سنبلة حنطة وامتلأ الظرف منها وكان في ذلك الوقت شيخ له خمسمائة سنة وله ولد له أربعمائة سنة وولد ولد له ثلاثمائة سنة فذهبنا إلى ابن الابن قلنا: إنه أقرب إلى الفهم والعقل فوجدناه مقيداً لا يعرف الخير والشر.
فقلنا: إذا كان هذا حال ولد الولد فكيف حال الأب والجد فذهبنا إلى صاحب الأربعمائة سنة فوجدناه أقرب إلى الفهم من ولده فذهبنا إلى صاحب الخمسمائة سنة فوجدناه سليم العقل والفهم فسألناه عن حال ولد ولده فقال: انه كانت له زوجة سيئة الخلق لا توافقه في شيء أصلاً فأثر فيه ضيق خلقها ودوام الغم بمقاساتها وأما ولدي فكانت له زوجة توافقه مرة وتخالفه أخرى فلهذا هو أقرب فهماً منه.
وأما أنا فلي زوجة موافقة في جميع الأمور مساعدة فلذلك سلم فهمي وعقلي! فسألناه عن السنبلة فقال: هذا زرع قوم من الأمم الماضية كانت ملوكهم عادلة وعلماؤهم أمناء وأغنياؤهم أسخياء وعوامتهم منصفة.
منها القاضي الحضرمي رحمه الله لما ولي القضاء أتى عليه سنتان لم يتقدم إليه خصمان فاستعفى الملك وقال: إني آخذ معيشة القضاء ولا خصومة لأحد فالأجرة لا تحل لي! فاستبقاه الملك وقال: لعل الحاجة تحدث إلى أن تقدمه خصيمان فقال أحدهما: اشتريت منه أرضاً فظهر فيها كنز قل له حتى يقبضها! وقال الآخر: إني بعت الأرض بما فيها والكنز له! فقال القاضي: هل لكما من الأولاد قالا: نعم.
فزوج بنت البائع من ابن المشتري وجعل وبها القصر المشيد الذي ذكره الله في القرآن بناه رجل يقال له صد ابن عاد وذلك أنه لما رأى ما نزل بقوم عاد من الريح العقيم بنى قصراً لا يكون للريح عليه سلطان من شدة إحكامه وانتقل إليه هو وأهله وكان له من القوة ما كان يأخذ الشجرة بيده فيقلعها بعروقها من الأرض ويأكل من الطعام مأكول عشرين رجلاً من قومه وكان مولعاً من النساء تزوج بأكثر من سبعمائة عذراء وولد له من كل واحدة ذكر وأنثى فلما كثر أولاده طغى وبغى وكان يقعد في أعالي قصره مع نسائه لا يمر به أحد إلا قتله كائناً من كان حتى كثر قتلاه فأهلكه الله تعالى مع قومه بصيحة من السماء وبقي القصر خراباً لا يجسر أحد على دخوله لأنه ظهر فيه شجاع عظيم وكان يسمع من داخله أنين كأنين المرضى وقد أخبر الله تعالى عنهم وأمثالهم بقوله: فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد والبئر المعطلة كانت بعدن سنذكرها إن شاء الله تعالى.
وبها قبر هود النبي عليه السلام قال كعب الأحبار: كنت في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلافة عثمان رضي الله عنه فإذا برجل قد رمقه الناس لطوله فقال: أيكم ابن عم محمد قالوا: أي ابن عمه قال: ذاك الذي آمن به صغيراً فأومأوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال علي: ممن الرجل فقال: من اليمن من بلاد حضرموت.
فقال علي: أتعرف موضع الأراك والسدرة الحمراء التي يقطر من أوراقها ماء في حمرة الدم فقال الرجل: كأنك سألتني عن قبر هود عليه السلام فقال علي: عنه سألتك فحدثني فقال: مضيت في أيام شبابي في عدة من شبان الحي نريد قبره فسرنا إلى جبل شامخ فيه كهوف ومعنا رجل عارف بقبره حتى دخلنا كهفاً فإذا نحن بحجرين عظيمين قد أطبق أحدهما على الآخر وبينهما فرجة يدخلها رجل نحيف وكنت أنا أنحفهم فدخلت بين الحجرين فسرت حتى وصلت إلى فضاء فإذا أنا بسرير عليه ميت وعليه أكفان كأنها الهواء فمسست بدنه فكان علباً وإذا هو كبير العينين مقرون الحاجبين واسع الجبهة أسيل الخد طويل اللحية وإذا عند رأسه حجر على شكر لوح عليه مكتوب: لا إله إلا الله محمد رسول الله وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً أنا هود بن الحلود بن عاد رسول الله إلى بني عاد بن عوض ابن سام بن نوح جئتهم بالرسالة وبقيت فيهم مدة عمري فكذبوني فأخذهم الله بالريح العقيم فلم يبق منهم أحد وسيجيء بعدي صالح بن كالوة فيكذبه قومه فتأخذهم الصيحة قال له علي رضي الله عنه: صدقت هكذا قبر هود عليه السلام.
وبها بئر برهوت وهي التي قال النبي صلى الله عليه وسلم: ان فيها أرواح الكفار والمنافقين وهي بئر عادية قديمة عميقة في فلاة عميقة في فلاة وواد مظلم.وعن علي رضي الله عنه قال: ابغض البقاع إلى الله تعالى وادي برهوت بحضرموت فيه بئر ماؤها أسود منتن يأوي إليه أرواح الكفار.
وذكر الأصمعي عن رجل حضرمي انه قال: إنا نجد من ناحية برهوت رائحة منتنة فظيعة جداً فيأتينا الخبر أن عظيماً من عظماء الكفار مات.
وحكى رجل أنه بات ليلة بوادي برهوت قال: فكنت أسمع طول الليل يا دومه يا دومه فذكرت ذلك لبعض أهل العلم فقال: إن الملك الموكل بأرواح الكفار اسمه دومه.
وبها ماء الخنوثة قال ابن الفقيه: بحضرموت ماء بينها وبين النوب من شربه يصير مخنثاً.
دلان ودموران قريتان بقرب ذمار من أرض اليمن.
قالوا: ليس بأرض اليمن أحسن وجهاً من نساء هاتين القريتين.
وقالوا: الفواجر بهما كثيرة يقصدهما الناس من الأماكن البعيدة للفجور! قالوا: إن دلان ودموران كانا ملكين أخوين وكل واحد بنى قرية وسماها باسمه وكانا مشغوفين بالنساء وينافسان في الحسن والجمال والناس يجلبون من الأطراف البعيدة ذوات الجمال لهما فمن هناك أتى أهل القريتين الجمال وإلا فالجمال بأرض اليمن كالسمك على اليبس والله الموفق.
مدينة عظيمة ببلاد النوبة ممتدة على ساحل النيل طولها مسيرة ثمانين ليلة وعرضها قليل وهي منزل ملكهم كابيل وأهلها نصارى يعاقبة أرضهم محترقة لغاية الحرارة عندهم ومع شدة احتراقها ينبت الشعير والحنطة والذرة.
ولهم نخل وكرم ومقل وأراك.
وبلادهم أشبه شيء باليمن وبيوتهم أخصاص كلها وكذلك قصور ملكهم.
وأهلها عراة مؤتزرون بالجلود والنمر عندهم كثيرة يلبسون جلودها والزرافة أيضاً وهي دابة عجيبة منحنية إلى خلفها لطول يديها وقصر رجليها وعندهم صنف من الإبل صغيرة الخلق قصيرة القوائم.
ذات الشعبين
مخلاف باليمن وقال محمد بن السائب: حكى لنا رجل من ذي الكلاع أن سيلاً أقبل باليمن فخرق موضعاً فأبدى عن أزج فإذا فيه سرير عليه ميت عليه جباب وشي مذهبة وبين يديه محجن من ذهب في راسه ياقوتة حمراء وإذا لوح فيه مكتوب: بسم الله رب حمير أنا حسان بن عمرو القيل حين لا قيل إلا الله مت زمان خرهيد وماهيد هلك فيه اثنا عشر ألف قيل وكنت آخرهم قيلاً فأتيت ذات الشعبين ليجيرني فأجفرني قالوا: لعل كان ذلك وقت الطاعون فمات من مات لفساد الهواء فأتى حسان ذات الشعبين ليكون الهواء فيه أصح بسبب هبوبها من الشعبين فيسلم من الطاعون وما سلم.
ذمار
مدينة ببلاد اليمن حكى أبو الربيع سليمان الزنجاني: انه شاهد ذمار ورأى على مرحلة منها آثار عمارة قديمة قد بقي منها ستة أعمدة من رخام وفوق أربعة منها أربعة أعمدة ودونها مياه كثيرة جارية قال: ذكر لي أهل تلك البلاد أن أحداً لا يقدر على خوض تلك المياه إلى تلك الأعمدة وما خاض أحد إلا عدم وأهل تلك البلاد متفقون على أنها عرش بلقيس.
سبأ
مدينة كانت بينها وبين صنعاء ثلاثة أيام بناها سبأ بن يشجب بن يعرب ابن قحطان كانت مدينة حصينة كثيرة الأهل طيبة الهواء عذبة الماء كثيرة الأشجار لذيذة الثمار كثيرة أنواع الحيوان وهي التي ذكرها الله تعالى: لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور ما كان يوجد بها ذباب ولا بعوض ولا شيء من الهوام كالحية والعقرب ونحوهما.وقد اجتمعت في ذلك الموضع مياه كثيرة من السيول فيمشي بين جبلين ويضيع في الصحارى وبين الجبلين مقدار فرسخين فلما كان زمان بلقيس الملكة بنت بين الجبلين سداً بالصخر والقار وترك الماء العظيم خارج السد وجعلت في السد مثاعب أعلى وأوسط وأسفل ليأخذوا من الماء كل ما احتاجوا إليه فجفت داخل السد ودام سقيها فعمرها الناس وبنوا وغرسوا وزرعوا فصارت أحسن بلاد الله تعالى وأكثرها خيراً كما قال الله تعالى: جنتان عن يمين وشمال.
وكان أهلها اخوة وبنو عم بنو حمير وبنو كهلان فبعث الله تعالى إليهم ثلاثة عشر نبياً فكذبوهم فسلط الله تعالى الجرذ على سدهم.
منها عمران بن عامر وكانت سيادة اليمن لولد حمير ولولد كهلان وكان كبيرهم عمران بن عامر وكان جواداً عاقلاً وله ولأقربائه من الحدائق ما لم يكن لأحد من ولد قحطان.
وكانت عندهم كاهنة اسمها طريفة قالت لعمران: والظلمة والضياء والأرض والسماء ليقبلن إليكم الماء كالبحر إذا طما فيدع أرضكم خلاءً يسفي عليها الصبا! فقالوا لها: فجعتنا بأموالنا فبيني مقالتك! فقالت: انطلقوا إلى رأس الوادي لتروا الجرذ العادي يجر كل صخرة صيخاد بأنياب حداد وأظفار شداد! فانطلق عمران في نفر من قومه حتى أشرفوا على السد فإذا هم بجرذ أحمر فيقلع الحجر الذي لا يستقله رجال ويدفعه بمخاليب رجليه إلى ما يلي فلما رأى عمران ذلك علم صدق قول الكاهنة فقال لأهله: اكتموا هذا القول من بني عمكم بني حمير لعلنا نبيع حدائقنا منهم ونرحل عن هذه الأرض ثم قال لابن أخيه حارثة: إذا كان الغد واجتمع الناس أقول لك قولاً خالفني وإذا شتمتك ردها علي وإذا ضربتك فاضربني مثله ! فقال: يا عم كيف ذلك فقال عمران: لا تخالف فإن مصلحتنا في هذا.
فلما كان الغد واجتمع عند عمران أشراف قومه وعظماء حمير ووجوه رعيته أمر حارثة أمراً فعصاه فضربه بمخصرة كانت بيده فوثب حارثة عليه واطمه فأظهر عمران الغضب وأمر بقتل ابن أخيه فوقع في حقه الشفاعات.
فلما أمسك عن قتله حلف أن لا يقيم في أرض امتهن بها وقال وجوه قومه: ولا نقيم بعدك يوماً! فعرضوا ضياعهم على البيع واشتراها بنو حمير بأعلى الأثمان فارتحل عن أرض اليمن فاء السيل بعد رحيلهم بمدة يسيرة وخربت البلاد كما قال تعالى: فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل.
فتفرقوا في البلاد ويضرب بهم المثل فيقال: تفرقوا أيادي سبا.
وكانوا عشرة أبطن: ستة تيامنوا وهم كندة والأشعريون والأزد ومذحج وانمار وحمير وأربعة تشاءموا وهم عامرة وجذام ولخم وغسان وكانت هذه الواقعة بين مبعث عيسى ونبينا صلى الله عليهما وسلم.مدينة في جنوب المغرب في طرف بلاد السودان في مقطع جبل درن في وسط رمل بها نهر كبير غرسوا عليه بساتين ونخيلاً مد البصر.
حدثني بعض الفقهاء من المغاربة وقد شاهدها: ان مزارعها اثنا عشر فرسخاً من كل جانب لكن لا يزرع في كل سنة إلا خمسها ومن أراد الزيادة على ذلك منعوه وذلك لأن الريع إذا كثر لا يبقى له قيمة فلا يشتري من الظناء بشيء.
وبها أصناف العنب والتمر وأما تمرها فستة عشر صنفاً ما بين عجوة ودقل.
ولنسائها يد صناع في غزل الصوف ويعمل منه كل عجيب حسن بديع من الأزر التي تفوق القصب ويبلغ ثمن الازار ثلاثين ديناراً وأربعين كأرفع ما يكون من القصب ويتخذن من عقارات يبلغ ثمنها مثل ذلك مصبوغة بأنواع الألوان وأهل هذه المدينة من أغنى الناس وأكثرهم مالاً لأنها على طريق غانة التي هي معدن الذهب ولأهلها جرأة على دخول تلك البرية مع ما ذكر من صعوبة الدخول فيها وهي في بلاد التبر يعرف منها والله الموفق.
سرنديب جزيرة في بحر هركند بأقصى بلاد الصين قال محمد بن زكرياء: هي ثمانون فرسخاً في ثمانين فرسخاً لها ثلاثة ملوك كل واحد عاص على الآخر.
ومن عاداتهم أن يأخذوا من الجاني سبعة دراهم على جنايته والمديون إذا تقاعد عن اداء الدين بعث الملك إليه من يخط حوله خطاً أي مكان وجده فلا يجسر أن يخرج من الخط حتى يقضي الدين أو يحصل رضاء الغريم.
فإن خرج من الخط بغير إذن أخذ الملك منه ثلاثة أضعاف الدين ويسلم ثلثه إلى المستحق ويأخذ الملك ثلثيه.
وإذا مات الملك يجعل في صندوق من العود والصندل ويحرق بالنار وترافقه زوجته حتى يخترقا معاً.
وبها أنواع العطر والافاويه والعود والنارجيل ودابة المسك وأنواع اليواقيت ومعدن الذهب والفضة ومغاص اللؤلؤ.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير بقعة ضربت إليها آباط الإبل مكة ومسجدي هذا والمسجد الأقصى وجزيرة سرنديب فيها نزل أبونا آدم عليه السلام بها جبل أهبط عليه آدم عليه السلام وهو ذاهب في السماء يراه البحريون من مسافة أيام وفيه أثر قدم آدم عليه السلام وهي قدم واحدة مغموسة في الحجر.
ويرى على هذا الجبل كل ليلة مثل البرق من غير سحاب وغيم ولا بد له كل يوم من مطر يغسل موضع قدم آدم عليه السلام.
ويقال إن الياقوت الأحمر يوجد على هذه الجبال يحدره السيل منها إلى الحضيض وقطاع الماس أيضاً والبلور.
وقالوا: أكثر أهل سرنديب مجوس وبها مسلمون أيضاً ودوابها في غاية الحسن لا تشبه دوابنا إلا بالنوع وبها كبش له عشرة قرون.
منها الشيخ الظريف سديد الدين السرنديبي ورد قزوين وأهل قزوين تبركوا به.
وكان قاضي قزوين يدخل مع الولاة في الأمور الديوانية والعوام يكرهون ذلك فربما عملوا غوغاة ونهبوا دار القاضي وخربوها فلما كن السرنديبي قزوين وتبرك القوم به كلما كرهوا من القاضي شيئاً ذهبوا إلى السرنديبي وقالوا: قم ساعدنا على القاضي! فإذا خرج السرنديبي تبعه ألوف فالقاضي لقي من السرنديبي التباريح.
فطلبه ذات يوم فلما دخل عليه تحرك له وانبسط معه وسأله عن حاله ثم قال: إني أرى في هذه المدينة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متروكاً ولست أرى من لا يأخذه في الله لومة لائم غيرك.
وأخرج من داره قميصاً غسل مراراً وعمامة عتيقة وأركبه على دابة وغلمان الاحتساب في خدمته وكل من سمع بهذا استحسن وصار السرنديبي محتسباً.
فإذا في بعض الأيام جاء شخص إلى السرنديبي وقال: في موضع كذا جماعة يشربون.
فقام بأصحابه وذهب إليهم فأراق خمورهم وكسر ملاهيهم.
وكان القوم صبياناً جهالاً قاموا إليه وضربوه وضربوا أصحابه ضرباً وجيعاً فجاء السرنديبي إلى القاضي وعرفه ذلك فالقاضي ثم بعد أيام قالوا للسرنديبي: في بستان كذا جماعة يشربون فذهب إليهم بأصحابه وأراق خمورهم وكسر ملاهيهم فقاموا وقتلوا أصحاب السرنديبي وجرحوه فعاد السرنديبي إلى بيته وأخذ القميص والعمامة وذهب إلى القاضي وقال: اخلع هذا على غيري فإني لست أهلاً لذلك فقال القاضي: لا تفعل يا سديد الدين ولا تمنع الثواب! فقال له: دع هذا الكلام أنت غرضك اني أقتل وأجرح على يد غيرك وإني قد عرفت المقصود ولا أنخدع بعد ذلك.
سفالة
آخر مدينة تعرف بأرض الزنج بها معدن الذهب والحكاية عنها كما مر في بلاد التبر من أن التجار يحملون إليها الأمتعة ويضعونها في أرض قريبة منهم ويرجعون.
ثم ان أهل سفالة وهم سودان يأتون ويتركون ثمن كل متاع بجنبه والذهب السفالي معروف عند تجار الزنج.
وبها الحواي وهو صنف من الطير يعيد ما سمع بصوت رفيع ولفظ صحيح أصح من الببغاء ولا يبقى أكثر من سنة وبها ببغاء بيض وحمر وخضر وقال محمد بن الجهم: رأيت قوماً يأكلون الذباب ويزعمون أنه دافع للرمد ولا يرمدون شيئاً البتة.
سلوق
مدينة بأرض اليمن قال ابن الحايك: كانت مدينة عظيمة ولها آثار عظيمة باقية يوجد بها قطاع الذهب والفضة والحلي وكان بها صناع الدروع المحكمة النسج قال الشاعر: نقل السّلوقيّ المضاعف نسجه ويوقد بالصّفّاح نار الحباحب وبها الكلاب الضواري وذاك لأن الكلاب بها يسفدها الذئاب فتأتي بالكلاب السلوقية وهي أخبث الكلاب قال الشاعر: منهم ضوارٍ من سلوق كأنّها حصنٌ تجول تجرّر الأرسانا سمهر قرية بالحبشة بها صناع الرماح السمهرية وهي أحسن الرماح قاله الصولي وقال غيره: إن هذه القرية في جوف النيل يأتيها من أرض الهند على رأس الماء كثير من القنا يجمعها أهل هذه القرية يستوقدون رذاله ويثقفون جيده ويبيعونه وهو بأرض الحبشة معروف يحمل منها إلى سائر البلاد والله الموفق.
سندابل
قصبة بلاد الصين ودار المملكة يشقها نهر أحد شقيه للملك والشق الآخر للعامة قال مسعر بن مهلهل: دخلتها وهي مدينة عظيمة قطرها مسيرة يوم ولها ستون شارعاً كل شارع ينفذ إلى دار الملك ولها سور ارتفاعه تسعون ذراعاً وعلى رأس السور نهر عظيم يتفرق ستين جزءاً كل جزء ينزل على باب من أبوابها تلقاه رحىً يصب إليها ثم إلى غيرها حتى يصب في الأرض.
ثم يخرج نصفه تحت السور يسقي البساتين ويدخل نصفه المدينة ويدور في الشوارع كلها وكل شارع فيه نهران: داخل يسقيهم وخارج يخرج بفضلاتهم.
وفيها من الزروع والبقول والفواكه والخيرات وأنواع الطيب كالقرنفل والدارصيني.
وبها أنواع الجواهر كاليواقيت ونحوها والذهب الكثير.
وأهلها حسان الوجوه قصار القدود عظام الرؤوس لباسهم الحرير وحليهم عظام الفيل والكركدن وأبوابهم آبنوس وفيهم عبدة الأوثان والمانوية والمجوس ويقولون بالتناسخ.
ومنها خاقان ملك الصين الموصوف بالعدل والسياسة له سلسلة من ذهب أحد طرفيها خارج القصر والطرف الآخر عند مجلس الملك ليحركها المظلوم فيعلم الملك.
ومن عادته ركوب الفيل كل جمعة والظهور للناس ومن كان مظلوماً يلبس ثوباً أحمر فإذا وقعت عليه عين الملك يحضره ويسأله عن ظلامته.
ومن ولد في رعيته أو مات يكتب في ديوان الملك لئلا يخفى عليه أحد.وبها بيت عبادة عظيم فيه أصنام وتماثيل ولأهلها يد باسطة في الصناعات الدقيقة يعبدون الأوثان ولا يذبحون الحيوان ومن فعل أنكروا عليه.
ولهم آداب حسنة للرعية مع الملك وللولد مع الوالد: فإن الوالد لا يقعد في حضور أبيه ولا يمشي إلا خلفه ولا يأكل معه.
قال ابن الفقيه: أهل الصين يقولون بالتناسخ ويعملون بالنجوم ولهم كتب يشتغلون بها والزنا عندهم مباح ولهم غلمان وقفوهم للواطة كما أن الهند وقفوا الجواري على البد للزنا وذلك عند سفلتهم لا عند أهل التمييز.
والملك وكل بالصناع ليرفع إلى الملك جميع المعمول فما أراد من ذلك اشتراه لخزانته وإلا يباع في السوق وما فيه عيب يمزقه.
وحكي أنه ارتفع ثوب إلى الملك فاستحسنه المشايخ كلهم إلا واحداً فسئل عن عيبه فقال إن هذا الثوب عليه صورة الطاووس وقد حمل قنو موز والطاووس لا يقدر على حمل قنو الموز فلو بعث الملك هذا الثوب هدية إلى بعض الملوك يقولون: أهل الصين ما يعرفون أن الطاووس لا يقدر على حمل قنو الموز.ناحية بين عدن وعمان على ساحل البحر.
ينسب إليها العنبر الشحري لأنه يوجد في سواحلها.
وبها غياض كثيرة يوجد بها النسناس.
حكى بعض العرب قال: قدمت الشحر فنزلت عند بعض رؤسائها وسألت عن النسناس فقال: إنا لنصيده ونأكله وهو دابة كنصف بدن الإنسان له يد واحدة ورجل وادة وكذلك جميع الأعضاء فقلت: أنا أحب أن أراه فقال لغلمانه: صيدوا لنا شيئاً منه.
فلما كان من الغد جاءوا بشيء له وجه كوجه الإنسان إلا أنه نصف الوجه وله يد واحدة في صدره وكذلك رجل واحدة فلما نظر إلي قال: أنا بالله وبك.
فقلت لهم: خلوا عنه.
فقالوا: لا تغتر بكلامه فإنه مأكولنا فلم أزل بهم حتى أطلقوه فمر مسرعاً كالريح.
فلما جاء الرجل الذي كنت عنده قال لغلمانه: أما قلت لكم صيدوا لنا شيئاً فقالوا: فعلنا لكن ضيفك خلى عنه.
فضحك وقال: خدعك والله! ثم أمرهم بالغدو إلى الصيد فغدوا بالكلاب وكنت معهم فصرنا إلى غيضة في آخر الليل فإذا واحد يقول: يا أبا مجمر إن الصبح قد أسفر والليل قد أدبر والقيض قد حضر فعليك بالوزر.
فقال الآخر: كلي ولا تراعي فأرسلوا الكلاب عليهم فرأيت أبا مجمر وقد اعتوره كلبان وهو يقول: الويل لي ممّا به دهاني دهري من الهموم والأحزان إنّكما حين تحارباني ألفيتماني خضلاً عناني لوبي شبابي ما ملكتماني حتى تموتا أو تركتماني فالتقياه وأخذاه فلما حضر الرجل على عادته أتوا بأبي مجمر مشوياً وذكر خبر النسناس في وبار أبسط من هذا.
شعب جبل باليمن فيه بلاد وقرى يقال لأهلها الشعبيون قتل بها الشنفرى فقال تأبط شراً وهو خال الشنفرى: إنّ بالشّعب من دون سلع لقتيلاً دمه ما يطلّ منها أبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي كان عالماً ورعاً فريد دهره ولي القضاء من قبل عبد الملك بن مروان بعثه إلى الروم رسولاً فأدخلوه على الملك من باب لص حتى ينحني للدخول فيقولون: خدم للملك فعرف الشعبي ذلك فدخله من خلفه فلما رأى صاحب الروم كمال عقله وحسن جوابه وخطابه قال له: أمن بيت الخلافة أنت قال: لا أنا رجل من العرب.
فكتب إلى عبد الملك: عجبت من قوم عندهم مثل هذا الرجل وولوا غيره أمرهم! فقال عبد الملك للشعبي: حسدني عليك أراد أن أقتلك! فقال الشعبي: إنما كهر أمير المؤمنين لأنه لم يرك! فقال: لله درك ما عدا ما في نفسي.
وحكي أن الشعبي جلس يوماً للقضاء فاحتكم إليه زوجان وكانت المرأة من أجمل النساء فأظهرت المرأة حجتها.
فقال للزوج: هل لك ما تدفع هذه فأنشأ يقول: فتن الشّعبيّ لمّا رفع الطّرف إليها فتنته بدلالٍ وتخطّى حاجبيها قال للجوّار قرّب ها وقرّب شاهديها فقضى جوراً على الخص م ولم يقض عليها قال الشعبي: دخلت على عبد الملك بن مروان فلما نظر إلي تبسم وقال: فتن الشّعبيّ لمّا رفع الطرّف إليها ثم قال: ما فعلت بقائل هذا قلت: أوجعت ظهره ضرباً يا أمير المؤمنين لما هتك حرمتي! فقال: أحسنت والله وأجملت! وحكي أن الشعبي دخل على قوم وهم يذكرونه بالسوء فقال: هنيئاً مريئاً غير داءٍ مخامرٍ لعزّة من أعراضنا ما استحلّت توفي سنة أربع ومائة عن اثنتين وثمانين سنة.
شمخ
قرية بأرض اليمن من عجائبها أن بها شقاً ينفذ إلى الجانب الآخر فمن لم يكن ولد رشدة لا يقدر على النفوذ فيه.
حكى رجل من مراد قال: وليت صدقات فبينا أنا أقسمها إذ قال لي رجل: ألا أريك عجباً قلت: نعم.
فأدخلني شعب جبل فإذا أنا بسهم من سهام عاد كأكبر ما يكون من رماحنا مفوقاً تشبث بذروة الجبل وعليه مكتوب: ألا هل إلى أبيات شمخٍ بذي اللوى لوى الرّمل من قبل الممات معاد بلادٌ بها كنّا وكنّا نحبّها إذ النّاس ناسٌ والبلاد بلاد ثم أخذ بيدي إلى الساحل فإذا بحجر يعلوه الماء طوراً ويظهر أخرى وعليه مكتوب: يا ابن آدم يا عبد ربه اتق الله ولا تعجل في رزقك فإنك لن تسبق رزقك ولن ترزق ما ليس لك ومن لم يصدق فلينطح هذا الحجر حتى ينفجر! شيلا بلدة من أواخر بلاد الصين في غاية الطيب لا يرى بها ذو عاهة من صحة هوائها وعذوبة مائها وطيب تربتها.
أهلها أحسن الناس صورة وأقلها أمراضاً وذكر أن الماء إذا رش في بيوتها تفوح منه رائحة العنبر وهي قليلة الآفات والعلل قليلة الذباب والهوام.
إذا اعتل إنسان في غيرها ثم نقل إليها زالت علله.
قال محمد بن زكرياء الرازي: من دخلها استوطنا ولا يخرج عنها لطيبها ووفور خيراتها وكثرة ذهبها.والله الموفق.
صنعاء
قصبة بلاد اليمن أحسن مدنا بناء وأصحها هواء وأعذبها ماء وأطيبها تربة وأقلها أمراضاً ذكر أن الماء إذا رش في بيوتها تفوح منه رائحة العنبر وهي قليلة الآفات والعلل قليلة الذباب والهوام.
إذا اعتل إنسان في غيرها ونقل إليها يبرأ وإذا اعتلت الإبل وأرعيت في مروجها تصح واللحم يبقى بها أسبوعاً لا يفسد.
بناها صنعاء بن ازال بن عنير بن عابر بن شالح شبهت بدمشق في كثرة بساتينها وتخرق مياهها وصنوف فواكهها.قال محمد بن أحمد الهمذاني: أهل صنعاء في كل سنة يشتون مرتين ويصيفون مرتين فإذا نزلت الشمس نقطة الحمل صار الحر عندهم مفرطاً فإذا نزلت أول السرطان زالت عن سمت رؤوسهم فيكون شتاء فإذا نزلت أول الميزان يعود الحر إليهم مرة ثانية فيكون صيفاً وإذا صارت إلى الجدي شتوا مرة ثانية غير أن شتاءهم قريب من الصيف في كيفية الهواء.
قال عمران بن أبي الحسن: ليس بأرض اليمن بلد أكبر من صنعاء وهو بلد بخط الاستواء بها اعتدال الهواء لا يحتاج الإنسان إلى رحلة الشتاء والصيف وتتقارب ساعات نهارها.
وكان من عجائب صنعاء غمدان الذي بناه التبابعة قالوا: بانيه ليشرخ ابن يحصب قال ابن الكلبي: اتخذه على أربعة أوجه: وجه أحمر ووجه أبيض ووجه أصفر ووجه أخضر وبنى في داخله قصراً على سبعة سقوف بين كل سقفين أربعون ذراعاً فكان ظله إذا طلعت الشمس يرى على ماء بينهما ثلاثة أميال وجعل في أعلاه مجلساً بناه بالرخام الملون وجعل سقفه رخامة واحدة وصير على كل ركن من أركانه تمثال أسد إذا هبت الريح يسمع منها زئير الأسد وإذا أسرجت المصابيح فيه ليلاً كان سائر القصر يلمع من ظاهره كما يلمع البرق وفيه قال ذو جدن الهمداني: وغمدان الذي حدّثت عنه بناه مشيّداً في رأس نيق مصابيح السّليط يلحن فيه إذا أمسى كتوماض البروق فأضحى بعد جدّته رماداً وغيّر حسنه لهب الحريق وقال أمية بن أبي الصلت يمدح سيف بن ذي يزن في قصيدة آخرها: فاشرب هنيئاً عليك التاج مرتفقاً في رأس غمدان داراً منك محلالا تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ شيبا بماء فصارا بعد أبوالا وذكر أن التبابعة إذا قعدوا على هذا القصر وأشعلوا شموعهم يرى ذلك على مسيرة أيام.
حكي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما أمر بهدم غمدان قالوا له: إن الكهنة يقولون هادم غمدان مقتول! فأمر بإعادته فقالوا له: لو أنفقت عليه خراج الارض ما أعدته كما كان فتركه ولما خربه وجد على خشبة من أخشابها مكتوباً: اسلم غمدان هادمك مقتول.
فهدمه عثمان بن عفان فقتل.
ووجد على حائط ايوان من مجالس تبع مكتوباً: صبراً الدّهر نال منك فهكذا مضت الدهور فرحٌ وحزنٌ بعده لا الحزن دام ولا السّرور وبصنعاء جبل الشب وهو جبل على رأسه ماء يجري من كل جانب وينعقد حجراً قبل أن ومن عجائب صنعاء ما ذكر أنه كان بها قبة عظيمة من جمجمة رجل.
وبها نوع البر حبتان منه في كمام ليس في شيء من البلاد غيرها وبها الورس وهو نبت له خريطة كالسمسم زرع سنة يبقى عشرين سنة.
وحكي أن أمير اليمن لما آل إلى الحبشة بنى أبرهة بن الصبا بها كنيسة لم ير الناس أحسن منها وسماها القليس وزينها بالذهب والفضة والجواهر وكتب إلى النجاشي: إني بنيت لك كنيسة ليس لأحد مثلها من الملوك وأريد أصرف إليها حج العرب.
فسمع ذلك بعض بني مالك بن كنانة فأتاها وأحدث فيها فسأل أبرهة عنه فقالوا: إنه من أهل البيت الذي يحج إليه العرب.
فغضب وآلى ليسيرن إلى الكعبة ويهدمنها ثم جاء بعسكره وفيلته فأرسله الله تعالى عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول.
وبها الجنة التي أقسم أصحابها لنصرمنها مصبحين وهي على أربعة فراسخ من صنعاء وكانت تلك الجنة لرجل صالح ينفق ثمراتها على عياله ويتصدق على المساكين فلما مات الرجل عزم أصحابه على أن لا يعطو للمساكين شيئاً فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين فلما رأوها قالوا إنا لضالون يعني ما هذا طريق بستاننا فلما رأوا الجنة محترقة قالوا: بل نحن محرومون.
ويسمى ذاك الوادي الضروان وهو واد ملعون حجارته تشبه أنياب الكلاب لا يقدر أحد أن يطأها ولا ينبت شيئاً ولا يستطيع طائر أن يطير فوقه فإذا قاربه مال عنه قالوا: كانت النار تتقد فيها ثلاثمائة سنة.
الصين
بلاد واسعة في المشرق ممتدة من الإقليم الأول إلى الثالث عرضها أكثر من طولها قالوا: نحو ثلاثمائة مدينة في مسافة شهرين.
وانها كثيرة المياة كثيرة الأشجار كثيرة الخيرات وافرة الثمرات من أحسن بلاد الله وأنزهها وأهلها أحسن الناس صورة وأحذقهم بالصناعات الدقيقة لكنهم قصار القدود عظام الرؤوس لباسهم الحرير وحليهم عظام الفيل والكركدن ودينهم عبادة الأوثان.
وفيهم مانوية ومجوس ويقولون بالتناسخ ولهم بيوت العبادات.
من عجائب الصين الهيكل المدور قال المسعودي: هذا الهيكل بأقصى بلاد الصين وله سبعة أبواب في داخله قبة عظيمة البنيان عالية السمك وفي أعلى القبة شبه جوهرة كرأس عجل يضيء منها جميع أقطار الهيكل وان جمعاً من الملوك حاولوا أخذ تلك الجوهرة فما تمكنوا من ذلك فمن دنا منها قدر عشرة أذرع خر ميتاً وإن حاول أخذها بشيء من الآلات الطوال فإذا انتهت إليها هذا المقدار انعكست.
وكذلك إن رمى إليها شيئاً وإن تعرض أحد لهدم الهيكل مات وفي هذا الهيكل بئر واسعة الرأس من أكب عليها وقع في قعرها وعلى رأس البئر شبه طوق مكتوب عليه: هذه البئر مخزن الكتب التي هي تاريخ الدنيا وعلوم السماء والأرض وما كان فيها وما يكون وفيها خزائن الأرض لكن لا يصل إليها إلا من وازن علمه علمنا فمن قدر عليه علمه كعلمنا ومن عجز فليعلم أنه دوننا في العلم.
والأرض التي عليها هذا الهيكل أرض حجرية عالية كجبل شامخ لا يرام قلعه ولا يتأتى نقبه وإذا رأى الناظر إلى تلك الهيكل والقبة والبئر وحسن بنيتها مال قلبه إليها وتأسف على فساد شيء منها.
ومن عجائب الصين ما ذكر صاحب تحفة الغرائب ان بها طاحونة يدور حجرها التحتاني والفوقاني ساكن ويخرج من تحت الحجر دقيق لا نخالة فيه ونخالة لا دقيق فيها كل واحد منهما منفرد عن الآخر.
وبها قرية عندها غدير فيه ماء في كل سنة يجتمع أهل القرية ويلقون فرساً في ذلك الغدير والناس يقفون على أطرافه كلما أراد الفرس الخروج من الماء منعوه وما دام الفرس في الماء يأتيهم المطر فإذا أمطروا قدر كفايتهم وامتلأ الغدير أخرجوا الفرس وذبحوه على قلة جبل وتركوه حتى يأكله الطير فإن لم يفعلوا ذلك في شيء من السنين لم يمطروا.وبأرض الصين الذهب الكثير والجواهر واليواقيت في جبل من جبالها وبها من الخيرات الكثيرة من الحبوب والبقول والفواكه والسكر وفي جزائرها أشجار الطيب كالقرنفل والدارصيني ونحوها قالوا: القرنفل تأتي بها السيول من جبال شامخة لا وصول إليها وبها من الهوام والحشرات والحيات والعقارب شيء كثير ولا تظهر بالصيف لأنها ملتفة بأشجارها تأكل من ثمارها وأوراقها وتظهر في الشتاء.
ولأهل الصين يد باسطة في الصناعات الدقيقة ولا يستحسنون شيئاً من صناعات غيرهم وأي شيء رأوا أخذوا عليه عيباً ويقولون: أهل الدنيا ما عدانا عمي إلا أهل كابل فإنهم عور! وبالغوا في تدقيق صنعة النقوش حتى انهم يصورون الإنسان الضاحك والباكي ويفصلون بين ضحك السرور والخجالة والشماتة وإذا أراد ملكهم شيئاً من المتاع يعرضه على أرباب الخبرة ولا يتركه في خزائنه إلا إذا وافقوا على جودته.
وحكي أن صانعاً اتخذ ثوباً ديباجاً عليه صورة النابل وقعت عليها العصافير فعرضها الملك على أرباب الخبرة واستحسنوها إلا صانع واحد قال: العصافير إذا وقعت على السنابل أمالتها وهذا المصور عملها قائمة لا ميل فيها.
فصدقه الحاضرون وتعجبوا من دقة نظره في الصنعة.ومن خواص بلاد الصين انه قلما يرى بها ذو عاهة كالأعمى والزمن ونحوهما وان الهرة لا تلد بها.
وقال محمد بن أبي عبد الله: رأيت في غياض الصين إنساناً يصيح صياح القردة وله وبر كوبر الرد ويداه تنالان ساقيه إذا بسطهما قائماً.
ويكون على الأشجار يثب من شجرة إلى شجرة وبينهما عشرة أذرع.
وقال ابن الفقيه: بالصين دابة المسك وهي دابة تخرج من الماء في كل سنة في وقت معلوم فيصطاد منها شي كثير وهي شديدة الشبه بالظباء فتذبح ويؤخذ الدم من سرتها وهو المسك ولا رائحة له هناك حتى يحمل إلى غيرها من الأماكن.
وبها الغضائر الصيني التي لها خواص وهي بيضاء اللون شفافة وغير شفافة لا يصل إلى بلادنا منها شيء والذي يباع في بلادنا على أنه صيني معمول بلاد الهند بمدينة يقال لها كولم والصيني أصلب منه وأصبر على النار وخزف الصين أبيض قالوا: يترشح السم منه وخزف كولم أدكن.
وطرائف الصين كثيرة: الفرند الفائق والحديد المصنوع الذي يقال له طاليقون يشترى بأضعافه فضة ومناديل الغمر من جلد السمندل والطواويس العجيبة والبرادين الغرة التي لا نظير لها في ظفار مدينة قرب صنعاء كان بها مسكن ملوك حمير وفيها قيل: من دخل ظفار حمر أي تكلم بالحميرية وسببه أنه دخل رجل من العرب على ملك من ملوك حمير وهو على موضع عال فقال له الملك: ثب فوثب الرجل من العلو فانكسرت رجله ومعنى ثب بالحميرية اقعد فقال الملك: ليس عندنا عربية من دخل ظفار حمر.
ينسب إليها الجزع الظفاري الجيد وحكي انه مكتوب على سور ظفار على حجر منها بقلم الأوائل: يوم شيدت ظفار قيل لمن أنت قالت: لحمير الأخيار! ثم سئلت بعد ذلك فقالت: للأحبش الأشرار! ثم سئلت بعد ذلك فقالت: للفرس الأخيار! ثم سئلت بعد ذلك فقالت: لقريش التجار! ثم سئلت بعد ذلك فقالت: لحمير سنجار وقليلاً ما يلبث القوم فيها ثم يأتيهم البوار من أسود يلقيهم في البحر ويشعل النار في أعلى الديار.
وبها اللبان الذي لا يوجد في الدنيا إلا في جبالها وانه غلة لسلطانها وانه من شجر ينبت في تلك المواضع مسيرة ثلاثة أيام في مثلها فيأتيها أهل ظفار ويجرحون أشجارها بالسكين فيسيل منها اللبان فيجمعونه ويحملونه إلى ظفار فيأخذ السلطان قسطه ويعطيهم الباقي.كورة على ساحل بحر اليمن في شرقي هجر تشتمل على مدن كثيرة سميت بعمان بن بغان بن إبراهيم الخليل عليه السلام والبحر الذي يليه منسوب